
يوميات طبيب فى الأرياف
-٤- سائق التريللا
عبثا حاولت إقناع أمى بما حدث فقد كانت مصممة إننى تعرضت لحادثة أو أن الميكروباص وقع فى الترعة
- وهى جديدة عليك ..مانت بتعمل كل مصيبة والثانية وتخبى علينا…
قال ولادة قال. …
طب إكذب بحاجة معقولة
جاء والدى من مكتبه والقلق يملؤه من صراخ أمى ومن منظرى …
أقسمت له بالله أنه كان لدى حالة ولادة
تظاهر بتصديقى …
ربت على كتفى برفق ثم سألنى بصوت يحمل الكثير من القلق و الرجاء .. - طب نعمل أشعة نطمن عليك…
بعد خروجى من الحمام حملت أمى ملابسى بأطراف أصابعها وهى تنظر إليها بتوجس …
حانت منها التفاتة إلى ما كان حذاءا … تساءلت بتعجب واستنكار .. - ودا إيه اللى انت لابسه فى رجليك ده ؟؟
استيقظت صباحا بآلام شديدة بركبتى ..
تذكرت أنها من جلوس الهضبة أم فتحى عليها .. قبل أن أنجح فى الإفلات من تحتها …
تذكرت أيضا سائق التريللا الذى توقف لى وأنا أقف على الطريق ليوصلنى … لينال الثواب رغم منظرى المريب على حد قوله - والله يافندى أنا عمرى ما أتأخر على حد .. ثم بطرف عينه ينظر إلى البدلة ..
- ولا أقرف من حد مهما كان شكله …
حاكم دا صواب !!
لم تكن بى طاقة حتى للتحدث لمن توقف ليوصلنى منتظرا الثواب وليس الصواب كما نطقها وينطقها الكثيرون
تركته يواصل كلامه ونصائحه .. - إنما انت لا مؤاخذة بتحب الحلبة ؟؟
- هممم
- والله هى مفيدة .. بس الريحة … أجارك الله
تذكرت الآن رائحة الجرن التى كانت تشبه رائحة عنبر النسا والولادة بالمستشفى… محض حلبة … لابد أن الجاكيت الذى أصبح خرقة للعض ومسح العرق أصبح الآن اسفنجة متشربة بالحلبة
كان لابد أن أحس بالإمتنان لنفسه الحلوة التى تحملت رائحة الحلبة التى تفوح من الخرقة التى أرتديها - إنما انتوا يافندية لكوا حاجات !!!
واصل السائق كلامه - هممم
- لزمته إيه التكتيفة وربط الحبل دا فى رقبتكم ؟؟
ثم وسط كلامه الكثير … ينصحنى بأن أخطف رجلى لبورسعيد واشترى لى بروفلين من البالة … - رخيصة وزى الجديدة بالضبط
- وبالمرة أشترى لك جزمة … دهنة كويسة وتبقى جديدة نوووفى ..
- لأ وإيه … مستوردة
- والله ياراجل دى كانت مستوردة برضه .. قلتها فى نفسى ..
شكرت الرجل على النصائح الغالية وعلى التوصيلة التى رفض بشدة أن يأخذ أجرا عليها … بل عرض على نقودا لو كنت أحتاجها
تحاملت على نفسى … ارتديت ملابسى إستعدادا ليوم جديد بالعيادة ..
نادت على أمى بعد أن لمحتنى أتسلل خارجا .. - انت رايح فين بالشكل ده ؟
- رايح العيادة طبعا
- لا والنبى مانت نازل بالشكل ده هو انت رايح تشحت؟
كنت قد تعلمت الدرس واستعوضت الله فى البدلة والحذاء
لبست بنطلون جينز كاد أن يبلى ويصبح مثل موضة هذه الايام
كنت قد امتنعت عن ارتداء الجينز منذ تخرجى … على اساس أن الدكتور لابد أن يكون وقورا ..
ابتسمت وأنا أتذكر الوقار المفروض ثم أرتدى حذاءا رياضيا او (كوتشى) قديم عندى وأيضا سويتر قديم
وما كان عندى مانع أن أضع جهاز الضغط والسماعة فى كيس بلاستيكي بدلا من الحقيبة السامسونايت التى كنت منذ أيام أريد شراء حقيبة أحدث منها
وصلت البلد بزيى الرياضى … ينتابنى إحساس بالتحدى …
وأن ما حدث لن يفت فى عضدى
وصلت العيادة و لم أبال عندما أعلن اعلن المذيع عن وصولى … بدون أن يعلن عن البطة فقد وجدوها ودفعوا الربع جنيه حلوانها
يوم جديد بالعيادة … و مفاجأة جديدة كانت بانتظارى
يتبع