
إسلام محمد زيدان
لجانب
المظلم للحب، رواية للكاتب الألماني من أصل سوري رفيق شامي، اسمه سهيل
فاضل هاجر من سوريا خلال السبعينيات من القرن العشرين، درس الكيمياء وحصل
على الدكتوراه في جامعة هايدلبرج، ثم نفرغ للكتابة تماماً في منتصف
الثمانينيات. تلك الرواية التي تصدرت قائمة أفضل الروايات في ألمانيا وتم
ترجمتها لعدة لغات وهنا أقدم للنسخة العربية التي أخرجتها منشورات الجمل،
في ترجمة متميزة وبديعة للمترجم القدير الأستاذ خالد الجبيلي.
ملحمة ممتازة، مسطرة أركانها بمنتهى الدقة والحرفية والحرارة، عندما قلبت أوراق تلك الرواية عظيمة الأركان حتى الفصل الأخير الذي يصف فيه رفيق شامي كيف تم بناء الرواية وكيف استمر شغف الفكرة يراوده طوال ثلاث عقود من الزمان حتى خرجت للنور، أرتأيت أن تلك الملحمة الكبيرة والتي تقع في ألف صفحة أجمل ما قرأت على المطلق.
ليس
العنوان بما يحمله من كلمة الحب متعلق بقصة رومانسية أو وردية الملامح، بل
هي حكاية متشربة بالدم والثأر تدور بين عائلتين كبيرتين تمتد عبر أجيال
طويلة، والمشكلة ليست بين جانب مسلم وآخر مسيحي; بل بين عائلتين مسيحيتين،
أحداهما كاثوليكية المذهب، والأخرى أرثوذكسية المذهب. تبدأ الحكاية بجريمة
قتل ليستمر البحث طوال الزمان البعيد للعائلتين ومعرفة لأي مدى بلغت
الجريمة.
تقع الأحداث في دمشق، موطن رفيق الأصلي قبل هجرته، وفي وصفه لدمشق، تلك المدينة العريقة الخالدة، لم يتحدث فقط عن بنايات المدينة وشوارعها وحاراتها، بل امتد الحديث إلى عادات أهلها وأوصاف الاحتفالات وروائح البضاعة والحلوى وأزياء الرجال والنساء والصبايا والفتيان، علاقات متشابكة تجمع الأبطال الرئيسيين والأبطال الثانويين والشخصيات المتناثرة عبر خط سيرك خلال دفتي الرواية.
بأسلوب
سهل ويسير وسلس ومتتابع ينتقل الحديث عبر عدة رواة، فراو عليم يجمع كل
الخيوط ويبثها عبر رؤية كل الأبطال، أتوقع أن دور المترجم، الأستاذ خالد
الجبيلي كان كبيراً جداً، بحسب رواية رفيق شامي نفسه في مقدمة الكتاب، فلقد
عرض القصة وقدمها للقارئ العربي على طبق من فضة محاط بالفستق المملح
والحلوى اللاذقية ومقدم معه فنجان قهوة معدة بحبوب البن المخلوطة بالهيل،
تلك الوصفة التي ذكرها رفيق شامي في أكثر من موضع بالرواية، ليملأ أركان
القارئ بالرائحة ليتعمق بشكل أكبر داخل التفاصيل والأحداث.
من
الذكاء الجميل الذي لمسته، ذكر سليم العربجي بطل رواية حكواتي الليل، وهي
إحدى روايات رفيق شامي ذائعة الصيت، وقد سبق لي قرائتها، فلقد جاء ذكره في
ثلاثة مواضع، فهل كانت تلك الرواية -الجانب المظلم للحب- منبعاً للشخصية أم
العكس؟ وتم تجهيز الشخصية خلال كتابة الرواية ثم إصدارها في رواي منفصلة
وهي حكواتي الليل؟ وكيف لا وقد امتد مشروع تلك الرواية طوال ثلاثون عاماً.
الرواية
متاحة بنسختيها العربية والألمانية بمكتبة معهد جوته، وقد كونت ذلك
الإنطباع عن الرواية، وقمت بتسجيله وقد بلغت تقريباً نصف الرواية أو يزيد
قليلاً، لذا فإن بعض الرأي قد يختلف، وبعض النقاط ستنجلي حين أشارف
النهاية، وحتى ذلك الحين سأستكمل باستمتاع كبير وشغف شديد قراءة الجانب
المظلم للحب.
قاهرة المعز،
آذار 2020