
الكاتب الفلسطينى / جاد عبد الله
فتح عينيه … بعد غفوة قصيرة
قيلولة ..؟ ربما
أو أنها دقيقة من الغفلة
وجد حوله أناس لا يعرفهم
ولكن عيونهم تدمع مبتهجة
ينادونه باسم لا يعرفه
ويحمدون الله على سلامته
توجس خيفة … و تراجع في داخله الى عمقه المظلم
يخشى النطق وفي داخله صراخ
من أنتم
من انتم؟
اقتربت سيدة جميلة
تقبل جبينه
مستهجنة ذهوله
تنظر الى الطبيب في استفهام .. ما به صامت وعيناه تجوب كل ملامحنا
طبيب ..؟
“وهل انا في مستشفى “
سؤال اخر ضجت به نبضاته
أمر الطبيب باخلاء الغرفة واتجه اليه يسأله
” هلّا اخبرتني عن نفسك “
من أنت ومن هؤلاء .. هل عرفت منهم أحدا؟
هو: نعم اعرف اسمي ومن أنا و لكن لا اعرف منهم احد ولا اعلم كيف ولم انا هنا
من هذه المرأة؟
الطبيب : “انها زوجتك”
هو: زوجتي !!!! .. منذ متى ؟
انا اعرف امرأة واحدة في حياتي وليست هنا
وشيء آخر .. هناك ما يخبرني بأني اعرف هذه المرأة .. تلك التي دعوتها زوجتي
ولكني لا اذكرها
الطبيب: “يبدو أنك يا صديقي فقدت ذاكرتك بسبب الحادث وحالتك تستوجب طبيبا اخر ..”
(الجلسةالأولى) …
الطبيب: اخبرني عن اكثر الاشياء التي تشاق لها الآن
هو : اريد فنجان قهوة و سيجارة
انتظر
واريد قلما و ورقة .. لا ادري لم .. ولكني اشتاق لهم جميعا
الطبيب: كيف تشرب قهوتك
هو: احس بمرارها في فمي… وكثافة وجهها ما زلت اذكره يسكن ريقي
ويختلط به
الطبيب: مع ان التدخين ممنوع هنا ولكن ما هو نوع دخانك
هو: اشعر به كثيفا ثقيلا وغليظ القلب .. يشبه وجه الليل بلا نجوم
الطبيب: هاك قهوتك و سيجارك
وتلك امامك الآن ورقة وقلم
ماذا ستكتب لي؟
هو: اكتب لك؟!
انا لا اكتب الا لها
الطبيب: من هي
هو: هي . تلك التي اذكرها
اذكر ملامحها و صوتها
أتدري .. اني الان اشتم عطرها … هل من احد هنا غيرنا؟
هل هي هنا؟
الطبيب: لا احد هنا سوانا
اكتب لها … بالمناسبة . هل مارست الكتابة من قبل؟
هو: لا اظنني فعلت شيئا آخر في حياتي سواها
“الكتابة”
الطبيب: اكتب لها
هو:
أيا بسمةً في القلب صدفةً جئت
لمَ بتلك الصدفة كفرت وهجرت؟!!
الطبيب: وهل هجرتك؟
هو: حقا لا ادري
لا اذكر
لا املك شيئا إلا صورتها منقوشة في قلبي و نبض يردد اسمها
الطبيب: وهل تذكر اسمها؟
هو: نعم, ولكن يمنعني شيء ما من ذكره لا أتيقنه ولكنه بقوة يمنعني
الطبيب: اود أن اخبرك بما خلصت إليه و أيقنت
قبل الحادث كنت متزوجاً من امرأة وتحيا معها حياة كاملة بأدق تفاصيلها ولكن بلا حب
وفي ذات الوقت كنت تعشق اخرى وتعيشها وهي البعيدة بكل شوق وحنين
أظنك كنت تعاني من انفصام في الشخصية … كنت تحيا بشخصيتين
الحادث افقدك ذاكرة مركزها العقل ولكن لم يُفقدك ذاكرة القلب
ولست ادري بصدق كيف ستنجو
ولكن انصحك بأن تحيا بذاكرتك المفقودة تلقينا حتى تستعيدها وكذا انصحك بقتل ذاكرة القلب او على الاقل ان تستمر في حبسها داخلك كما كنت قبل الحادث
هو: وكيف سأحيا مع امرأة لا اعرفها
الطبيب: استمر بالتمثيل كما كنت قبل الحادث
انتهت الجلسة