قهوة محلاة ـ ريهام الناجي

“قهوة محلاة”

في مدينة الموتى، اعتاد الأموات القيامة من قبورهم ليلًا. في كل ليلة بعد انتصاف الليل بساعة، تنفتح بطون القبور وتقذف بدواخلها إلى سطح الأرضْ، ليسير الجمع باتجاه ساحة الرقص يقودهم صوت الموسيقا الجنائزية المنبعثة من مذياعٍ قديم. يقيمون مراسم العزاء من جديد، ويتبادلون أخبار أوقاتهم اللامنتهية داخل القبور، ويروون تجاربهم في الحياة على الجانب الآخر بينما يشربون القهوة السوداء. عندما تستحيل دكنة السماء إلى الزرقة الباهتة، يهرع الجميع إلى قبورهم، يتمددون داخلها، يغلقون مصاريعها ويشدون عليهم أكفانهم في انتظار ليلة أخرى . وحده هو كان يخرج كل ليلة متتبعًا موسيقا مقطوعة “قصة حب” المنبعثة من الحديقة الذاوية. عبثاً حاول إقناعهم بالذهاب معه؛ أغراهم بأن القهوة هناك محلاة والريح أهدأ، لكنهم لم يستمعوا إليه. ذات فجر وقبل اكتمال الشروق… انتظروا حتى تمدد داخل برزخه وأغلق باب قبره، فتقدموا جميعًا، ووضعوا حجرًا كبيرًا فوق مدخل القبر. في الليلة التالية، كان السهر أمتع والقهوة ألذ.

#ريهام_الناجي

  • Related Posts

    مريم العطفاوي تكتب : جناح وخصلة – قصة قصيرة

    في غرفة صغيرة ممتلئة بالحزن والدفء معًا، كانت الجدران كما هي، والفرشة كما تركتها، لكن كان ينقص شيء… كأن قطعة من الحياة قد سُلبت. كان الصمت يملأ الأرجاء حتى أنك…

    الأردن: أمل نابض وما وهنت الخطى
    للاستاذ الاديب العربي محمد السيد

    صدر عن دار ابن رشيق للنشر والتوزيع في الأردنالجزء الرابع من رباعيةأمل نابض وما وهنت الخطىللاستاذ الاديب العربيمحمد السيدبإشراف ابنته الدكتورة د. تمام محمد السيدمتوفر الان في دار ابن رشيق…